للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن رجل من مياسيرهم، أنه حجب ثلاث دفعات، ما فيهن واحدة إلا وقد أجهد فيها نفسه، وأنفق ماله، وأما إحداهن فانه نزل لبعض أمره بعقبة إبليس [١] ، وللناس وجيف [٢] في المصعد، فانما هي أيام معدودة يخشى فوتها، فما ملك نفسه نعاسا حتى ثوّروا، واحتاج أن يعود إلى الكوفة بعد اللتيّا والتي.

وأما الثانية: فانه بلغ ذات عرق [٣] فمرض بها وأقام، فما ضحّى الناس حتى عاد كالظليم، ورجع وقد فاته الحجّ.

وأما الثالثة: فانّ طيّئا عرضت بالهبير [٤] بحاج خراسان، فما قطع إلا قطاره [٥] دون الخلق، وسار الناس، وبقي في تلك الحال تائها، فأقول: ما جربت ما جربت من بركات العترة [٦] الطاهرة من آل محمد عليه السلام وعليهم، الذين هم سرج الدين اللائحة، وطرق النجاة الواضحة، ومنار الحق، ومظان الوحي، والحجّة في الأرض، والشفعاء يوم العرض، كنت بالزي بعد مضي شاهنشاه، وأنا مترجّح تائه من أشغال [٩٠ ظ] لا آمن غوائلها، وأعمال لا أحمد عواقبها، وحجّ قد جدّ جدّه، ولا يؤذن لي فيه، فلجأت إلى المشهد، مشهد الشريف عبد العظيم رحمه الله، ظهيرة يوم


[١] أراد موضع رمي الحجارة بمنى حيث يرجم الشيطان بالحصى.
[٢] الوجيف: السرعة في السير.
[٣] ذات عرق: مهلّ أهل العراق، وهو الحد بين نجد وتهامة، وقيل: عرق جبل بطريق مكة ومنه ذات عرق، وقال الأصمعي: ما ارتفع من بطن الرمة فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق. (ياقوت: عرق)
[٤] الهبير: رمل زرود في طريق مكة، كانت عنده وقعة ابن أبي سعيد الجنّابي القرمطي بالحاج، يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة ٣١٢ هـ، قتلهم وسباهم وأخذ أموالهم. (ياقوت: الهبير)
[٥] القطار من الإبل: عدد منها بعضه خلف بعض على نسق واحد.
[٦] العترة: ما تفرعت منه الشعب، ونسل الرجل ورهطه وعشيرته، ويريد هنا آل النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <   >  >>