للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إلى دسكرة [١] وجللتا [٢] والنهروان [٣] ومدينة السلام، وما زال الحاج في مثل برائن الأسود، وأفواه الدواهي السود، ظلما لا ينجلي ظلامه، وغشما [٤] لا ينقشع غمامه، ونيران شرّ تستعر، وسيوف شغب تسهر، وحروبا تتلظّى نارها، ولا يطفأ أوارها، وأفعالا دنيّة، تردّ طرف الإسلام غضيضا، وأحكاما سدومية [٥] تذر الليالي البيض سودا، فلما شارفتها، رأيت المنايا على الحوايا [٦] ، فقلت أرجع على أدراجي، متأدبا بآداب الله تعالى في قوله:

وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ

[٧] ، فاستقبلني نفر من غلمان لنا أتراك، كنت


- فراسخ، وهو نهر عظيم يمتد إلى بعقوبا، ويجرى بين منازل أهل بعقوبا، ويحمل السفن إلى باجسرا، وبها كانت الوقعة المشهورة على الفرس للمسلمين سنة ١٦ هـ، فاستباحهم المسلمون فسميت جلولاء الوقيعة، لما أوقع بهم المسلمون. (ياقوت:
جلولاء)
[١] دسكرة: الدسكرة في اللغة الأرض المستوية، قرية كبيرة ذات منبر بنواحي نهر الملك من غربي بغداد، والدسكرة أيضا: قرية في طريق خراسان قريبة من شهر ابان (المقدادية الآن) ، وهي دسكرة الملك، كان هرمز بن سابور بن أردشير يكثر المقام فيها فسميت بذلك. (ياقوت: الدسكرة)
[٢] جللتا: في الأصل الكلمة غير معجمة، وجللنا: قرية مشهورة من قرى النهروان، ينسب إليها أبو طالب المحسن بن علي بن شهفيروز الجللتاني، من فقهاء أصحاب الشافعي. (ياقوت: جللتا)
[٣] النهروان: وهي ثلاثة نهروانات؛ الأعلى والأوسط والأسفل، وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي، حدها الأعلى متصل ببغداد، وفيها عدة بلاد متوسطة، منها: إسكاف وجرجرايا والصافية ودير قنّى، وغير ذلك، وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج مشهورة. (ياقوت:
نهروان)
[٤] الغشم: الظلم، وغشم الحاطب، احتطب ليلا فقطعكل ما قدر عليه بلا نظر ولا فكر.
[٥] سدومية: نسبة إلى سدوم، قرية لقوم لوط.
[٦] المنايا على الحوايا: هذا مثل يضرب في الهلاك والخوف الشديد، والمثل في:
مجمع الأمثال ٢/٣٠٣، جمهرة الأمثال ٢/٢٧٥، المستقصى ١/٣٥٠، اللسان:
(حوا.)
[٧] البقرة ١٩٥.

<<  <   >  >>