للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تركتهم صغارا، وما فيهم اليوم إلا حاجب ذو مهابة، أو قائد ذو عصابة، فاستمر بي العزم استظهارا بهم: (إنّ الذليل الذي ليست له عضد) [١] ، وما زال الحاج في سخطه من ظلم السلطان، وبغداد كأسوأ المدن حالا، وما بقي في جانب الشرقي إلا بقايا دمن، ومكامن ريب وفتن، وخشارات [٢] لم أعهدها أيام الخير والعمارة، وزمن العدل والنضارة، ورأيت دوري على الشط بقصر عيسى [٣] ، والبصر بين مسافي ريح ومنابت شيح، ومنها إلى صرصر [٤] فطلعت علينا بعدك العرب سعود وشموس، وانكشفت عنا نحوس ونحوس، ومنها إلى كوثى [٥] ، والقصر والحمام، والكوفة والقادسية [٦] ولحجنا [٧] في البادية، وللإبل رغاء وعجيج [٨] [٩٥ ظ] ، وللناس بكاء وضجيج، فرقا من ذلك البر


[١] إن الذليل الذي ليست له عضد: هذا مثل، يضرب لمن يخذله ناصره. (مجمع الأمثال ١/٢١، المستقصى ١/٤٠٤)
[٢] الخشارات: ما لا خير فيها، والخشار من الناس: سفلتهم، ومن البحر غثاؤه وزبده، ومن الشعير ما لا لبّ له، وفي الحديث: (إذا ذهب الخيار وبقيت خشارة كخشارة الشعير لا يبالي بهم الله بالة) . (المعجم الوسيط: خشر)
[٣] قصر عيسى: هو منسوب إلى عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس، وهو أول قصر بناه الهاشميون في أيام المنصور ببغداد، وكان على شاطىء نهر الرّفيل عند مصبه في دجلة. (ياقوت: قصر عيسى)
[٤] صرصر: هما قريتان من سواد بغداد، صرصر العليا، وصرصر السفلى، وهما على ضفة نهر عيسى، وربما قيل نهر صرصر، فنسب النهر إليهما، وبين السفلى وبغداد نحو فرسخين، وصرصر في طريق الحاج من بغداد، قد كانت تسمى قديما قصر الدير، أو صرصر الدير. (ياقوت: صرصر)
[٥] كوثى: في ثلاثة مواضع، بسواد العراق، في أرض بابل، وبمكة، وهو منزل بني عبد الدار، والمراد هنا كوثى العراق، وهو أول نهر أخرج بالعراق من الفرات، وقد سار سعد بن أبي وقاص من القادسية في سنة عشر، ففتح كوثى. (ياقوت: كوثى) .
[٦] القادسية: بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا، وبينها وبين العذيب أربعة أميال، وبهذا الموضع كان يوم القادسية بين سعد بن أبي وقاص والمسلمين وبين الفرس، في أيام عمر بن الخطاب سنة ١٦ هـ. (ياقوت: القادسية)
[٧] لحجنا في البادية: دخلنا فيها.
[٨] العجيج: الصوت والصياح، وإثارة الغبار، وعجت الريح: اشتد هبوبها، وسافت العجاج.

<<  <   >  >>