للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لئن كان مغزاه ما قد ذكرت ... لما زاغ عن سنن القاصد

لأنّك ما زلت ذا شوكة ... شديدا على العاند الجاحد

سجاما على الأمل المجتدي ... حماما على الكاشح بالعائد

سأنصح والقول ما قد سمعت ... من ثقة الأهل بالرائد

تنبّه عن الخير لا ترقدن ... ن فقد خسرت صفقة الراقد

وفز بالمحامد في وقتها ... فما الوقت إن فات بالعائد بالعلئد

ويا أيكة حلوة المجتنى ... بقيت لنا أبد الآبد

[١٠١ ظ] وبقيت الآن واحدة، يبعثني عليها فرط النصيحة، ويقتضيني عنها فضل الحشمة: الناس أيدك الله على تباين آرائهم، واختلاف مذاهبهم، مجمعون على أنّ الدنيا إلى انقضاء، وكل وال معزول، ولكلّ عمل ثواب، وكل آت قريب، فكيف مثلك ممّن غذته الحكمة، وهذّبته الدّربة، وأدّبته الحنكة [١] ، وضرّسته الأمور، ونجّذته [٢] الشؤون، ودرس كتب الأوائل، ونظر في سير الأفاضل، وأريد أن يكون عمل الخير أغلب على فعالك، وبثّ العدل أملك بخصالك، وعقد المكارم غاية اختيارك، واقتناء المحامد جلّ أخطارك، والمنافسة في السير فاتحة أخبارك، حتى ينشر عنك نوافح شكر تلتذه المسامع، وتأرج به المشاهد والمجامع، فيبقى ذكرها غررا [٣] على أوجه الأيام، وقلائد في أعناق الأنام، إلى أن تصل إلى ما وعد الله المتقين، وأعدّ للمحسنين، وقد قادتني الحاجة في هذا الفصل إلى ذكر ما استقبحه علم الله، فانّ ظاهره يجرى مجرى التزكية والتناهي، إلى أنّ فضلك يضمن لي أنك تصرف خطابي [٤] إلى أجمل وجه، وتحمله على أصحّ جهاته، أحبّ أن تسل موثوقا به ممّن ورد من نواحي الجبل عن صنيع أهل قرمسين [٥] والدينور


[١] الحنكة: الخبرة والتبصر بالأنور.
[٢] نجذته: أحكمته التجارب.
[٣] غررا: أي يكون ذا غرّة، وهو البياض والشرف.
[٤] في الأصل: (تصرف خطاتي) وهو تصحيف.
[٥] قرمسين: وهو تعريب كرمان شاه، بلد معروف بينه وبين همذان ثلاثون فرسخا غرب الدينور، وهي بين همذان وحلوان، على جادة الحاج. (ياقوت: قرمسين)

<<  <   >  >>