للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانها هناك مشهورة فائضة، وفي أرضنا هذه مغمورة غامضة، لوجدت أيامه تكاد تواري أيام آل مصعب [١] والفضل بن سهل [٢] ، وإن لم ترق إلى أيام بني برمك.

وبالأمس شاهدنا ما اشتملت عليه المحاسبة في ديوان المكارم بالري، من أبواب البر والصدقات التي أخرجها فخر الدولة من الترائك [٣] والمظالم والحطائط [٤] ، نيّف على عشرة ألف ألف درهم، وذكر الميثمي وكيل الشريف أبي الحسن محمد بن عمر بن يحيى، أنه رفع إليه في بعض السنين زيادة في سعر الطعام بالكوفة، حين أعوز الضعفاء من الناس أقواتهم فوقّع بألف كرّ [٥] طعاما يخرج ليرخص به السعر، ثم يتصدق بثمنه، وأنا سألت الأمير [١٠٣ و] أبا النجم بدرا أيده الله في أمر الثغور الباجنيسية [٦] ، وقد حضرني شيوخها مع


[١] آل مصعب: لعله يريد مصعب بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، أحد الولاة الأبطال في صدر الإسلام، ولي البصرة لأخيه عبد الله بن الزبير، وكذلك الكوفة، وقتل المختار الثقفي، وقاتل جيش عبد الملك بن مروان، وقتل في هذه الحروب سنة ٧١ هـ. (الطبري وابن الأثير حوادث سنة ٧١ هـ، طبقات ابن سعد ٥/١٣٥، تاريخ بغداد ١٣/١٠٥)
[٢] الفضل بن سهل السرخسي: أبو العباس، وزير المأمون وصاحب تدبيره، اتصل به في صباه، وأسلم على يده سنة ١٩٠ هـ، وكان مجوسيا، وصحبه قبل أن يلي الخلافة، فلما وليها جعل له الوزارة وقيادة الجيش معا، فكان يلقب بذي الرياستين (الحرب والسياسة) قتله جماعة بينما كان في الحمام، وقيل إن المأمون دسهم له، وقد ثقل عليه أمره، كان حازما عاقلا فصيحا، أخباره كثيرة، قتل سنة ٢٠٢ هـ. (وفيات الأعيان ١/٤١٣، الوزراء والكتاب ينظر فهرسته، تاريخ بغداد ١٢/٣٣٩، ابن الأثير ٦/٨٥)
[٣] الترائك: ما يترك من الضريبة السنوية لمن أصيب زرعه بآفة أو نحوها.
[٤] الحطائط: ما يحط من جملة الحساب، فينقص منه.
[٥] الكرّ: مكيال لأهل العراق، أو ستون قفيزا، أو أربعون إردبّا.
[٦] نسبة إلى باجنيس: بلد قديم يذكر مع أرجيش من أعمال خلاط، وهو من أرمينية الرابعة، فتحها عياض بن غنم. (ياقوت: باجنيس)

<<  <   >  >>