وعمر استقلّ جيش الحنفا ... واستكثر الّذي إليه زحفا
ثمّ قال صلى الله عليه وسلم:«أشيروا عليّ» فقال سعد ما تقدم.
قلت: وعلم من هذا التقرير: أنّ قول المقداد قبل قول سعد رضي الله عنهما، فكان للناظم أن يقدمه، إلا أنّ النظم لم يساعده، والخطب سهل.
(وعمر) بن الخطاب رضي الله عنه (استقلّ) أي: رأى في نظره جيش المسلمين قليلا كما قال: (جيش الحنفا) :
جمع حنيف، وهو المائل عن جميع الأديان إلى دين الإسلام (واستكثر) الجيش (الذي إليه) يتعلق بقوله: (زحفا) بمعنى: مشى، وإنّما قال ذلك؛ شفقة على المسلمين؛ لما رأى من كثرة المشركين غيظا بهم، فقال- كما رواه ابن عقبة-: (يا رسول الله؛ إنّها لقريش، والله ما ذلت منذ عزت، ولا آمنت منذ كفرت، والله لتقاتلنّك، فتأهّب لذلك أهبته، وأعدّ لذلك عدته) .
ولما سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول صاحبيه:
سعد والمقداد.. ارتحل من واد يقال له: ذفران «١» حين بلغه خروج قريش يريدونه.
(١) بكسر الفاء: واد قريب من الصفراء. اهـ من «الحلبية» .