ثمّ النّضير هاجها أن جاءهم ... مستوهبا من دية ما نابهم
واختلف أهل السّير في السنة التي كانت فيها هذه الغزوة فذهب الزّهريّ وجماعة، وصدّر به الإمام البخاريّ تعليقا جزما: أنّها كانت بعد غزوة بدر، وقبل أحد، وقال في (الهدي) :
(الصحيح الذي عليه أهل السير: أنّها بعد غزوة أحد، وللنّبيّ صلى الله عليه وسلم مع اليهود أربع غزوات: أوّلها: غزوة قينقاع بعد بدر، والثّانية: غزوة بني النّضير بعد أحد، والثّالثة: غزوة بني قريظة، بعد الخندق، والرابعة: خيبر، بعد الحديبية، وذهب ابن إسحاق إلى أنّها كانت بعد أحد وبئر معونة، ورجّح المحققون من الحفّاظ قوله، قالوا: وكانت في ربيع الأوّل من السنة الرابعة، على رأس خمسة أشهر من غزوة أحد، وإيّاهم تبع النّاظم فقال:
[سبب هذه الغزوة:]
(ثم النّضير هاجها) أي: أثار الغزوة المفهومة من المقام، وفاعل هاج: المصدر المنسبك من قوله: (أن جاءهم) بفتح الهمزة؛ أي: مجيئه صلى الله عليه وسلم إياهم حال كونه (مستوهبا) أي: طالبا هبة (من دية) وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف، فيسهل الدفع منهم، وهو بيان لقوله:(ما نابهم) أي: نزل بهم، والمراد: دية العامريّين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضّمري، مرجعه من بعث بئر معونة، وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم عقد لهما جوارا، ولم يعلم به عمرو، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: