الصفا، فعلا منه حتى يرى البيت، فرفع يديه، وجعل يحمد الله ويذكره، ويدعو بما شاء الله أن يدعو، والأنصار تحته، فقال بعضهم لبعض: أمّا الرجل.. فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي.. لم يخف علينا، فليس أحد من الناس يرفع طرفه إليه، فلمّا قضى الوحي.. قال:«يا معشر الأنصار» قالوا:
لبّيك يا رسول الله، قال:«قلتم: أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته؟» قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله، قال:«فما اسمي إذا؟ كلّا، إنّي عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم» فأقبلوا إليه يبكون، يقولون: والله يا رسول الله، ما قلنا الذي قلنا إلّا الضّن «١» بالله ورسوله، فقال صلى الله عليه وسلم:«فإنّ الله ورسوله يعذرانكم ويصدقانكم» .
إخبار الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بما تحدثت به قريش عند أذان بلال:
(و) أخبر بارىء النسم رسول الله صلى الله عليه وسلم (ب) الكلام (الذي قالوه) أي: قريش (في) سيدنا بلال بن
(١) قوله: (إلّا الضن) بكسر الضاد المعجمة، وشد النون؛ أي: البخل والشح به أن يشركنا فيه أحد غيرنا، قال في «شرح المواهب» لمّا نقل هذا الضبط عن الشامي: (ولعلّه الرواية، وإلّا.. ففتحها لغة أيضا، وكان ذلك وقع لطائفتين، فبادر بإخبار إحداهما لجزمها، وتلطّف في سؤال الأخرى لكونها لم تجزم، بل قالت: أترى ... إلخ، و «يعذرانكم» بكسر الذال المعجمة: يقبلان عذركم) اهـ