واختلفوا فيها فقيل أمّنت ... والحقّ عنوة وكرها أخذت
[هل فتح مكة كان عنوة أو صلحا؟]
ثمّ شرع يذكر الخلاف بين العلماء في مكة، هل كان فتحها عنوة أو صلحا؟ فقال:
(واختلفوا فيها) أي: في مكة (فقيل: أمنت) بالبناء للمجهول؛ أي: فتحت أمنا على أهلها وصلحا، وإليه ذهب الإمام الشافعيّ؛ لقوله عليه الصّلاة والسّلام:«من دخل دار أبي سفيان.. فهو آمن، ومن أغلق عليه داره.. فهو آمن» حيث أضيفت الدور إلى أهلها، ولأنّها لم تقسم، ولأنّ الغانمين لم يملكوا دورها، وإلّا.. لجاز إخراج أهل الدور منها، وينبني على هذا القول: أنّ لأهلها بيع دورهم، وإكرائها (والحق عنوة) أي: فتحت بالاستعانة بالسلاح (وكرها أخذت) بالكره من قريش بالخيل والركاب، وإنّما كان هذا هو الحق.. لأنّه قول الجمهور، ولقوة الدليل.
قال في «المواهب» و «شرحها» : (وحجتهم ما وقع التصريح به في الأحاديث الصحيحة من الأمر بالقتال، ووقوعه من خالد بن الوليد، وتصريحه عليه الصّلاة والسّلام بأنّها أحلّت له ساعة من نهار، ونهيه عن التأسّي به في ذلك؛ لأنّه من خصائصه، فهذه أربع حجج قوية، كل منها بانفراده كاف في الحجّية) اهـ
وعلى هذا القول: لا يجوز لأهل مكة بيع دورهم وكراؤها، بل هي مناخ لمن سبق، كما روي ذلك عن أمنا