وقوله صلى الله عليه وسلم لعمار:«أدرك القوم؛ فإنّهم قد احترقوا» أي: هلكوا بتلك المقالة؛ شفقة منه عليهم، وقول مخشن:(قعد بي ... ) إلخ، قال ذلك لمّا تاب، وقال كما رواه ابن جرير الطبريّ في «تفسيره» : (اللهمّ؛ إنّي أسمع آية أنا أعنى بها، تقشعرّ منها الجلود، وتجل منها القلوب، اللهمّ؛ فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك، لا يقول أحد: أنا غسلت، أنا كفنت، قال: فأصيب يوم اليمامة، فما أحد من المسلمين إلّا وجد، غيره) .
قلت: ويستفاد من الآية: إطلاق الطائفة على الواحد، كما يشير إليه كلام ابن إسحاق السابق، وذكر الطبريّ ذلك في «تفسيره» كما أنّه يؤخذ من الآية: أنّ الاستهزاء بالدين كيف كان.. كفر بالله؛ لأنّ المعول عليه في الإيمان تعظيم أوامر الله عزّ وجلّ وشرائعه، ولا ينفع بعد ذلك القول بأنّ هذا وقع خوضا في الحديث ولعبا؛ فإنّه عين كلام المنافقين.
[ما كان بعد الوصول إلى تبوك:]
وكان على الناظم أن يذكر ماذا كان لما وصلوا إلى تبوك.
وحاصل ما ذكره أرباب السير: أنّه عليه الصّلاة والسّلام لمّا وصل إلى تبوك.. أتاه يحنّة، بضم التحية وفتح المهملة وتشديد النون، ابن رؤبة، بضم الراء، صاحب أيلة، وأهل جربى، بجيم مفتوحة وألف مقصورة، وأذرخ، بهمزة مفتوحة وراء مضمومة، فصالحهم على الجزية، وكتب ليحنة: