فلمّا سمع حكيم بن حزام ذلك.. مشى في الناس، فأتى عتبة بن ربيعة فقال: يا أبا الوليد، إنّك كبير قريش، وسيدها، والمطاع فيها، هل لك إلى أن لا تزال تذكر منها بخير إلى آخر الدهر؟ قال: وما ذاك يا حكيم؟ قال: ترجع بالناس، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي «١» ، قال:
قد فعلت، أنت عليّ بذلك، إنّما هو حليفي، فعليّ عقله وما أصيب من ماله، فأت ابن الحنظلية- يعني أبا جهل- ثمّ قام عتبة خطيبا فقال: يا معشر قريش؛ إنّكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمّدا وأصحابه شيئا، والله؛ لئن أصبتموه..
لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه، قتل ابن عمه، أو ابن خاله، أو رجلا من عشيرته، فارجعوا وخلّوا بين محمّد وبين سائر العرب، فإن أصابوه.. فذلك الذي أردتم، وإن كان غير ذلك.. ألفاكم، ولم تعرّضوا منه ما تريدون) .
وإلى هنا انتهى ما دار من المفاوضة بين الثلاثة وأبي جهل.
[إصرار أبي جهل على الحرب:]
وأمّا جواب أبي جهل.. فهو ما أشار إليه الناظم رحمه الله تعالى بقوله:
(وقال) أبو جهل (عمرو و) الحال أنّه (بأنفه) ، يتعلق بقوله:(شمخ) أي: تكبر، قولة (ثانية) ، أمّا القولة
(١) أي: الذي قتله واقد بن عبد الله في سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة، وهو أول قتيل.