وعند ما إلى التّشتّت الزّمر ... أجمع أمرهم دعا خير البشر
فأرسلوا إليهم: إنّ اليوم يوم السبت، لا نعمل فيه شيئا، وكان قد أحدث فيه بعضنا حدثا، فأصابه ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بمقاتلين معكم.. حتّى تعطونا رهنا من رجالكم، يكونون بأيدينا ثقة لنا، حتّى نناجز محمّدا، فإنّا نخشى إن اشتدّ عليكم القتال.. أن ترجعوا إلى بلادكم، وتتركونا والرجل في بلادنا، ولا طاقة لنا به.
فقالت قريش وغطفان: والله إنّ الذي حدّثكم به نعيم لحق، فأرسلوا إليهم: إنّا والله لا نقاتل معكم.. حتى تعطونا رهنا، فأبوا عليهم، وخذل الله بينهم، ويئس كل منهم من الآخر، واختلف أمرهم، وكان عليه الصّلاة والسّلام دعا على الأحزاب فقال:«اللهمّ؛ منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهمّ؛ اهزمهم» وكان دعاؤه عليهم يوم الإثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستجيب له بين الظهر والعصر يوم الأربعاء فعرف السرور في وجهه الشريف:
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... لمعت كلمع البارق المتهلل
فلمّا كان ليلة السبت.. بعث الله الريح على الأحزاب، حتى ما يكاد أحدهم يهتدي لموضع رجله، ولا يقر لهم قدر ولا بناء.