وجمعوا له بقايا الزّاد ... فخوّلوا منها سوى المعتاد
وأشار بهذا البيت إلى ما في الصحيح من حديث سالم بن أبي الجعد عن جابر رضي الله عنه قال:(عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة يتوضّأ منها، فأقبل الناس نحوه، وقالوا ليس عندنا إلّا ما في ركوتك، فوضع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يده في الرّكوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضّأنا، فقلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مئة ألف..
لكفانا، كنا خمس عشرة مئة) .
قلت: وهذه المعجزة كما لا يخفى أعظم من معجزة سيدنا موسى عليه الصّلاة والسّلام إذ نبع له الماء من الحجر؛ لأنّه معتاد، قال تعالى: وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ الآية، وأمّا خروجه من لحم ودم.. فلم يعهد قال الشاعر:
إن كان موسى سقى الأسباط من حجر ... فإن في الكفّ معنى ليس في الحجر
[معجزة أخرى بتكثير الطعام القليل:]
(وجمعوا) أي: الصحب الكرام وسادة الأنام (له) أي: لرسول الملك العلام (بقايا الزاد فخوّلوا) بصيغة الماضي المجهول؛ أي: أعطوا (منها) أي: من هذه الآية (سوى المعتاد) ، وذلك أنّه لما رجع عليه الصّلاة والسّلام من الحديبية، قال بعض الصحابة: يا رسول الله؛ قد أجهدنا وفي