ثمّ قال مالك للناس: إذا رأيتموهم ... فاكسروا جفون سيوفكم، ثمّ شدّوا شدّة رجل واحد.
[الملائكة وعيون مالك بن عوف:]
ثمّ إنّ مالك بن عوف بعث عيونا من رجاله، فأتوه وقد تفرّقت أوصالهم رعبا وخوفا، فقال: ويلكم، ما شأنكم؟
فقالوا: رأينا رجالا بيضا على خيل بلق، فو الله؛ ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، فو الله؛ ما نقاتل أهل الأرض، إن نقاتل إلّا أهل السماء، وإن أطعتنا.. رجعت بقومك؛ فإنّ الناس إن رأوا مثل الذي رأينا.. أصابهم مثل الذي أصابنا، فقال: أفّ لكم، بل أنتم أجبن أهل العسكر، فحبسهم عنده خوفا أن يشيع ذلك الرعب في العسكر، وقال: دلّوني على رجل شجاع، فأجمعوا له على رجل، فخرج ثمّ رجع إليه قد أصابه كنحو ما أصاب من قبله، قال: ما رأيت؟ قال: رأيت رجالا بيضا على خيل بلق ما يطاق النظر إليهم، فو الله؛ ما تماسكت أن أصابني ما ترى، فلم يرد ذلك مالكا عن وجهه.
تعرّف الرسول صلّى الله عليه وسلّم أخبار القوم:
ووجّه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدرد الأسلميّ، وأمره أن يدخل معهم، ويقيم حتى يعلم خبرهم ويأتيه به، فانطلق فدخل عسكرهم، فطاف بهم وجاء بخبرهم، وممّا سمعه من مالك أنّه يقول لأصحابه: إنّ محمّدا لم يقاتل قوما قط قبل هذه المرة، وإنّما كان يلقى قوما أغمارا