فلمّا كان ما ذكر، وبلغ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خروجهم، وندب الناس، وأخبرهم خبر عدوّهم (خندق) أي: حفر الحفرة حول المدينة (خير مرسل) صلى الله عليه وسلم، وعمل فيه بيده، تنشيطا للناس، وكان صلى الله عليه وسلم يضرب مرة بالمعول، ومرة بالمسحاة يغرف بها التراب، ومرة يحمل التراب في المكتل.
قال في «روض النّهاة» : وكمل في ستة أيام، وقيل:
في خمسة عشر، وقيل: في عشرين يوما، وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف على الصحيح المشهور، وغلط من قال:
إنّهم سبع مئة، وكان معهم ستة وثلاثون فرسا، وكان الخندق (بأمر) أي: بإشارة (سلمان) الفارسي رضي الله عنه؛ فإنّه قال: يا رسول الله؛ إنّا كنا إذا حوصرنا خندقنا علينا، فكانت هذه مكيدة لم تعرفها العرب (والحروب ذات مكر) أي:
احتيال وخديعة.
قلت: ولو أنّ الناظم قال:
خندق خير مرسل وقد أشار ... سلمان بالخندق نعم المستشار