إذا علمت ما شرحناه لك في قصة أحد.. فليكن على بالك أنّ في القصة وما اشتملت عليه ممّا أصيب به المسلمون يوم أحد، فوائد وحكما ربانية، ودلائل نبوية:
منها: تعريفهم سوء عاقبة المخالفة، وشؤم ارتكاب النهي، لمّا ترك الرّماة موضعهم الذي أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم أن لا يفارقوه.
ومنها: أنّهم لو انتصروا دائما.. دخل في المسلمين من ليس منهم، ولم يتميز الصادق من غيره، ولو انكسروا دائما.. لم يحصل المقصود من البعثة، فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين؛ ليتميز الصادق من الكاذب، فلمّا وقع ذلك.. ظهر أهل النفاق، فعرف المسلمون: أنّ لهم عدوّا في ديارهم، فتحرّزوا منهم، وكانت العاقبة على كل حال للمؤمنين.
ومنها: أنّ في تأخير النصر في بعض المواطن هضما للنفوس، فلمّا ابتلي المؤمنون.. صبروا، وجزع المنافقون.
ومنها: أنّ الله هيّأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته، لا تبلغها أعمالهم، فقيّض لهم أسباب الابتلاء والمحن؛ ليصلوا إليها.
ومنها: أنّ الشهادة من أعلى مراتب الأولياء، فساقها الله تعالى إليهم.