وحكّم النّبيّ فيهم سعد الاوس ... إذ غاظهم إطلاقه عن كلّ بؤس
فإن قيل: القرآن نزل بلسان العرب، و «عسى» ليست في كلامهم بخبر، ولا تقتضي وجوبا.
قلنا:«عسى» تعطي الترجّي مع المقاربة، ولذا قال:
عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ومعناه الترجّي مع الخبر بالقرب، كأنّه قال: قرب أن يبعثك، فالترجي مصروف إلى العبد، والخبر عن القرب مصروف إلى الله، وخبره حق، ووعده حتم، فما تضمنه من الخبر فهو الواجب دون الترجّي، الذي هو محال على الله تعالى) اهـ باختصار.
قال العبد الفقير كان الله له: وفي قصة سيدنا أبي لبابة هذه ما يرشد إلى قويّ إيمانه، وعظيم إخلاصه، ممّا لا يبالي أن يضحي بنفسه في سبيل الله تعالى ورضاء رسوله، فيعذبها ذلك العذاب، وينظر إليها بتلك النظرة. وتأمل قوله:(لا أبرح من مكاني هذا حتى أموت أو يتوب الله عليّ) تعلم أنّ نفسه عليه رخيصة في جانب الله عزّ وجلّ، وأنّه من الذين أضافوا إلى جهاد الكافرين جهاد أنفسهم. فرضي الله عن الصحابة وأرضاهم، وبلغنا بهم لحوقهم، آمين.
[تحكيم سعد بن معاذ في قريظة:]
(و) لما يئس بنو قريظة بعد اشتداد حصارهم.. أذعنوا أن ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ف (حكّم النّبيّ فيهم سعد الاوس) بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى اللام للوزن، وهو: أبو عمرو سعد بن معاذ سيد الأوس.