ويحتمل أنّ صورة الحال أبهتتهم، فاستغرقوا في الفكر؛ لما لحقهم من الذل عند نفوسهم مع ظهور قوتهم، واعتقادهم القدرة على قضاء نسكهم بالغلبة، أو لأنّ الأمر المطلق لا يقتضي الفور.
ويحتمل مجموع هذه الأمور لمجموعهم، أو فهموا أنّه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالتحلل؛ أخذا بالرخصة في حقهم، وأنّه هو يستمر على الإحرام؛ أخذا بالعزيمة في حق نفسه، فأشارت عليه أم سلمة بالتحلل؛ لينفي هذا الاحتمال، وعرف صوابه ففعله، فلمّا رأوه.. بادروا إلى فعل ما أمرهم به؛ إذ لم يبق غاية ينتظرونها، ونظيره ما وقع لهم في غزوة الفتح من أمره لهم بالفطر في رمضان فأبوا، حتى شرب فشربوا. اهـ
قال السهيلي:(ولم يكن المقصّر يومئذ من أصحابه إلّا رجلين: عثمان بن عفّان، وأبا قتادة الأنصاريّ، كذلك جاء في مسند حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه) .
[فوائد قصة التحلل من إحرام الحديبية:]
قلت: وفي هذه القصة فوائد:
منها: جواز تحليل المحرم الذي هو متلبّس بحرمات الإحرام غيره بالحلق أو التقصير؛ فإنّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا محرمين بالعمرة، وحلّل بعضهم لبعض بذلك.