قال الحافظ شمس الدين، محمّد بن يوسف الشامي، في «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد» : لمّا أذن الله تعالى في الهجرة لرسوله صلى الله عليه وسلم، واستقرّ بالمدينة، وأيّده الله تعالى بنصره، وبعباده المؤمنين، وألّف بين قلوبهم بعد العداوة والإحن التي كانت بينهم، فمنعته أنصار الله، وكتيبة الإسلام: الأوس، والخزرج، وبذلوا أنفسهم دونه، وقدّموا محبته على محبة الآباء والأبناء، وكان أولى بهم من أنفسهم.. عادتهم العرب، واليهود، ورمتهم عن قوس واحد، وشمروا لهم عن ساق العداوة، وصاحوا بهم من كل جانب.. حتى كان المسلمون لا يبيتون إلّا في السلاح، ولا يصبحون إلّا فيه، فقالوا: ترى نعيش حتى نبيت مطمئنّين لا نخاف إلا الله عزّ وجل؟ فأنزل الله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ.
وعندما اشتدّ الأذى بهم.. أمر الله تبارك وتعالى بالصبر والعفو والصفح، قال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما