للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتاب من هفوته الله عليه ... وحلّه خير الأنام بيديه

قال أبو لبابة: فكنت في أمر عظيم، في حرّ شديد عدّة ليال، لا آكل فيهنّ شيئا ولا أشرب، وقلت: لا أزال هكذا حتى أفارق الدنيا؛ أو يتوب الله عليّ.

(فتاب من هفوته) أي: زلته (الله) عزّ وجلّ (عليه) أي:

على أبي لبابة، ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر وهو في بيت أم سلمة قوله تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فقالت أم سلمة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السّحر وهو يضحك، فقلت: يا رسول الله؛ ممّ تضحك! أضحك الله سنّك، قال: «تيب على أبي لبابة» قلت: أفلا أبشّره يا رسول الله؟ قال:

«بلى، إن شئت» فقامت على باب حجرتها- وذلك قبل أن يضرب عليهنّ الحجاب- فقالت: يا أبا لبابة؛ أبشر، فقد تاب الله عليك، فثار الناس إليه ليطلقوه، فقال: لا والله؛ حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، فلمّا مرّ عليه خارجا إلى صلاة الصبح.. أطلقه كما قال: (وحلّه خير الأنام بيديه) .

قال الزّرقاني عن السّهيلي: (فإن قيل: إنّ الآية ليست نصّا في توبة الله عليه أكثر من قوله تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ؟

فالجواب: أن «عسى» منه سبحانه واجبة، وخبر صدق.

<<  <   >  >>