هذا حمل لهذا الخبر على ظاهره، وقد روينا عن عائشة رضي الله عنه: أنّها تأوّلت ذلك، وقالت: إنّما أراد النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أنّهم الآن ليعلمون أنّ الذي أقول لهم هو الحق، ثمّ قرأت: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى الآية.
قال السهيليّ في «الروض» : (وعائشة لم تحضر- يعني بدرا- وغيرها ممّن حضر أحفظ للفظه عليه الصّلاة والسّلام، وقد قالوا له يا رسول الله؛ أتخاطب قوما قد جيّفوا، أو جيفوا؟ فقال:«ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين.. جاز أن يكونوا سامعين: إمّا بآذان رؤوسهم، إذا قلنا: إنّ الروح يعاد إلى الجسد، أو إلى بعض الجسد عند المسألة، وهو قول الأكثرين من أهل السنة.
وإمّا بأذن القلب، أو الروح، على مذهب من يقول بتوجه السؤال إلى الروح، من غير رجوع منه إلى الجسد أو بعضه.
وقد روي أنّ عائشة احتجّت بقوله الله تعالى: وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وهذه الآية كقوله تعالى: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ أي: أنّ الله تعالى هو الذي يهدي، ويوفّق، ويوصل الموعظة إلى آذان القلوب لا أنت.
وجعل الكفار أمواتا، وصمّا على جهة التشبيه بالأموات، وبالصم، فالله هو الذي يسمعهم على الحقيقة إذا شاء، لا نبيّه، ولا أحد؛ فإذن لا تعلق بالآية من وجهين: