وما ارتضى من بعد إسلام ابنته ... وكفره بقاءها في عصمته
لو أنّه يحلّ أو يحرّم ... بمكّة عنها الحليل يحسم
(و) هو صلى الله عليه وسلم (ما ارتضى من بعد إسلام ابنته) زينب (وكفره) أي: أبي العاصي (بقاءها) بالنصب معمول ل (ارتضى) ، وقوله:(في عصمته) متعلق ببقائها؛ أي: وما ارتضى بقاء زينب؛ لأنّها لا تحل له لأنّها مسلمة نشأت في بيت النبوة، قال تعالى: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ، وما وقع في «تفسير القرطبي» في (سورة الممتحنة) ممّا يخالف ما ذكر.. غير صحيح أو هو مدسوس عليه، وكان الواجب على صاحب التعليق التنبيه عليه.
فإن قيل: إذا كان الأمر كذلك.. فلم لم يفرق بينهما صلى الله عليه وسلم يوم كان بمكة؟ قلنا: أجاب عنه الناظم بقوله:
(لو أنّه) أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم (يحل أو يحرّم بمكة) يعني: لو أنّه يطاع بمكة فيما يأمر به من الحلال، وينهى عنه من الحرام (عنها) أي: عن زينب، متعلق بيحسم (الحليل) مفعول مقدم لقوله: (يحسم) بكسر السين؛ أي: عنها الحليل أبا العاصي، لكن لمّا منّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإطلاق من الأسر بلا فداء.. عهد إليه أن يخلّي سبيل ابنته إليه، وقد فعل.
قال ابن إسحاق: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلّ بمكّة ولا يحرّم، مغلوبا على أمره، وكان الإسلام قد فرق بين زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين