للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كبيرا؛ أي: يتجبّرون ويطغون ويفجرون على الناس.

وقوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما أي: أولى الإفسادتين بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ أي: سلّطنا عليكم جندا من خلقنا اولي بأس شديد؛ أي: قوة وعدّة، وسلطة شديدة، فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ أي: تملّكوا بلادكم، وسلكوا خلال بيوتكم؛ أي: بينها ووسطها، وانصرفوا ذاهبين وجائين، لا يخافون أحدا، وكان وعدا مفعولا.

واختلفوا في هؤلاء المسلّطين عليهم: فقيل: جالوت وجنوده، سلّط عليهم أولا، ثمّ اديلوا عليه بعد ذلك، وقتل داود جالوت؛ ولهذا قال: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وقيل: سنحاريب وجنوده، وقيل: بختنصّر ملك بابل، ثم قال: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها أي:

فعليها، كما قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وقوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ أي: الكرّة الآخرة؛ أي: إذا أفسدتم الكرّة الثّانية، وجاء أعداؤكم لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ أي يهينوكم، ويقهروكم، وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ أي: بيت المقدس كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ أي: في التي جاسوا فيها خلال الديار وَلِيُتَبِّرُوا أي: يدمّروا ويخرّبوا ما عَلَوْا أي ما ظهروا عليه تَتْبِيراً* عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ فيصرفهم عنكم وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا أي: متى عدتم إلى الإفساد عدنا إلى الإدالة عليكم في الدنيا، مع ما ندّخره لكم في الآخرة

<<  <   >  >>