وصرخ الصّارخ أن مات النّبي ... فارتهبوا لذاك كلّ الرّهب
وقال إذ ذلك:«لو كان لنا» ... من دهش قائلهم فافتتنا
(وصرخ) أي: صاح (الصارخ) إبليس اللعين وقد تصور في صورة جعال بن سراقة (أن مات النّبي) صلى الله عليه وسلم؛ ليرهب بذلك المؤمنين (فارتهبوا لذاك) الخبر المشؤوم (كل الرّهب) الخوف، وقيل: إنّ الصارخ هو عبد الله بن قميئة بوزن سفينة، لما قتل مصعب بن عمير، فظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنّه كان يشبهه إذا لبس اللأمة، فصاح: أن قتلت محمّدا.
قال موسى بن عقبة: ولما فقد عليه الصّلاة والسّلام قال رجل منهم: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل، فارجعوا إلى قومكم؛ ليؤمّنوكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم، فإنّهم داخلوا البيوت.
وقال آخرون: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل، أفلا تقاتلون على دينكم، وعلى ما كان عليه نبيّكم، حتى تلقوا الله عزّ وجلّ شهداء؟ منهم أنس «١» بن مالك، شهد له بهذه المقالة عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ.
(وقال إذ ذلك) أي: وقت صرخ الصارخ: أن مات النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (لو كان لنا) من الأمر شيء ما قتلنا
(١) قال اليعمري في «عيون الأثر» : (كذا وقع في هذا الخبر أنس بن مالك، وإنّما هو أنس بن النضر، عم أنس بن مالك بن النضر) اهـ