فقال:«إنّ الجمل مأمور، هل قال عمرو شيئا؟» قالت: إنّ عمرا لما وجه إلى أحد.. قال: اللهمّ؛ لا تردّني إلى أهلي خزيان، وارزقني الشهادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فلذلك الجمل لا يمضي، إن منكم يا معشر الأنصار من لو أقسم على الله.. لأبرّه، منهم: عمرو بن الجموح، يا هند؛ ما زالت الملائكة مظلة على أخيك من لدن قتل إلى الساعة، ينظرون أين يدفن» ، ثمّ مكث عليه الصّلاة والسّلام حتى قبرهم، ثمّ قال:«يا هند؛ قد ترافقوا في الجنة عمرو بن الجموح وابنك خلاد وأخوك عبد الله» قالت:
يا رسول الله؛ ادع الله أن يجعلني معهم) اهـ
وهذه الحوادث مشهورة في كتب السير الصحيحة، وفيها برهان واضح على كمال إيمان هؤلاء الأصحاب الكرام، ومنهم تلك المرأة التي أصيبت بزوجها عميد أسرتها، وابنها فلذة كبدها، وأخيها في يوم واحد، مبتهجة قائلة: كل مصيبة دونك يا رسول الله جلل.
نعم؛ صدقت، وصدقوا؛ لأنّهم أخبروا بأمر واقعي تكنه صدورهم وتعرب عنه ألسنتهم، وهذا العمل الخالد المبرور منهم قلّ من جل، ممّا يعبر عن محبتهم الصادقة وإيمانهم الكامل، وحسبهم شرفا ثناء الله عليهم في الكتاب القديم قبل بروزهم إلى هذا الوجود، فجدير بنا أن نتّخذ لهم من سويداء قلوبنا محلا نجعلهم فيه، ونتّخذ لنا من أمثال هذه الحوادث