للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه، فيقول له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «بل، أنا أقتلك إن شاء الله» فلمّا انحاز المسلمون عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكان يقيه مصعب بن عمير فقتله ابن قمئة.. جاء أبيّ وهو يقول: أين محمّد؟

لا نجوت إن نجا، فاعترضه رجال من المسلمين، فأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يخلّوا طريقه.

قال الزّبير: وكان معي حربة، فأخذها مني «١» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشّعراء- وهي ذباب صغير له لدغ- عن ظهر البعير إذا انتفض، فأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبيّ بين سابغة الدرع والبيضة؛ فطعنه فيها، فوقع عن فرسه صريعا، ولم يخرج من طعنته دم، فأدركه المشركون وارتثّوه «٢» وله خوار، وهو يقول: قتلني والله محمّد، قالوا: ذهب والله فؤادك، والله ما بك من بأس، فقال: إنّه قد كان قال لي بمكّة: أنا أقتلك، والله لو بصق علي.. لقتلني، فقفلوا به نحو مكّة وهو يقول: والذي نفسي بيده، لو أنّ الذي بي بأهل المجاز.. لماتوا أجمعون، ومات عدوّ الله بسرف- ككتف- موضع قريب من التنعيم، وظهر بهذا أنّ قوله: (وهو الذي رماه خالق البشر) جملة معترضة بين قوله: (مرّ بعد ابن


(١) ويقال: أخذها من الحارث بن الصمّة.
(٢) أي: حملوه من المعركة.

<<  <   >  >>