وما ذكره الناظم.. يقتضي أنّها حرّمت سنة أربع. قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأنّ أنسا كما في الصحيح، كان الساقي يوم حرّمت، وأنّه لما سمع المنادي بتحريمها.. بادر فأراقها، فلو كانت سنة أربع.. لكان أنس يصغر عن ذلك، وقال قبل هذا: وقد بينت في تفسير (المائدة) الزمن الذي نزلت فيه الآية المذكورة، وأنّه كان في عام الفتح قبل الفتح، ثمّ رأيت الدّمياطيّ في «سيرته» جزم بأنّ تحريم الخمر كان سنة الحديبية، والحديبية كانت سنة ست.
واعلم: أنّ أول آية نزلت في شأن الخمر قوله تعالى:
وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً، ثمّ نزل قوله تعالى: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ، ثمّ نزل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ، ثمّ نزل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، قال سيدنا عمر رضي الله عنه: انتهينا، فحرمت إلى يوم القيامة تحريما باتا.
(والحشر) أي: (سورة الحشر) ، (أنزلت) بأسرها كما في «سيرة ابن هشام»(بها) أي: في غزوة بني النضير، وفي المنافقين الذين بعثوا إليهم، وهم: عبد الله بن أبيّ بن سلول، ووديعة بن مالك، وغيرهما من منافقي بني عمرو بن