قلت: انظر إلى ما كان لأسلافنا الأماجد من المجد الباذخ، والمدنيّة الإسلامية الحقّة، وانظر إلى عنايتهم في وصايتهم لأبنائهم بالحرص على علم المغازي، والمحافظة عليه؛ فإنّ في ذلك أعظم منبّه يحرك في نفوسهم باعث الجد، والنشاط، والجهاد في سبيل الله، فيزدادون في ذلك حبا، وله تعظيما، فينشأون وقد تربّت فيهم ملكة التقديس لدينهم، والغيرة عليه، والذود عنه، والحرص على إعلاء كلمة الله، الكفيل لهم بسعادة الآخرة والأولى؛ وفي ذلك مجد لا يسامى، وعزة لا تضارع، وبذلك يعرفون عن بيّنة حقيقة الإسلام، ومبادئه، وتعاليمه، وفضائله، وما فيه من حضارة تفوق كل حضارة، ويعرف أولئك المفتونون الذين يولّون وجهتهم إلى الغربيين أنّهم مخدوعون بالعناوين الظاهرة، والبروق الخلابة؛ لأنّهم لم يطّلعوا على الحقائق الإسلامية فيتخلقوا بها.
وإنّ في النظر إلى ما لأسلافنا الكرام القادة في الحرب والسلم من المقدرة الفائقة، والبطولة النادرة، والتضحية بالمهج الغالية في سبيل العقيدة الحقة، والمبادئ الفاضلة..
ما يملأ القلوب إيمانا بفضلهم، وإعجابا بصنعهم، وإكبارا لجلائل أعمالهم، وحرصا على التأسّي بهم.
وفق الله تعالى الأمّة للنظر فيما لسلفها الصالح؛ حتى تفيق من غفلتها، وتنهض من كبوتها، وتتذكر بذلك ما كان لها من عظمة، ومجد، فتعمل لاسترجاعه، وتتبوّأ المكان اللائق بها، آمين.