(وصدّقته للمكانة) والمنزلة- فإنّه كان في قومه شريفا- (رجال) من الأنصار، فقالوا: يا رسول الله؛ عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل.
قال ابن إسحاق:(فلمّا استقلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار.. لقيه أسيد بن الحضير، فحياه بتحية النبوة، وسلم عليه، ثم قال: يا نبيّ الله؛ والله؛ لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح في مثلها؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أو ما بلغك ما قال صاحبكم؟» قال: وأي صاحب يا رسول الله؟ قال:«عبد الله بن أبيّ» قال:
وما قال؟ قال:«زعم أنّه إن رجع إلى المدينة.. أخرج الأعزّ منها الأذلّ» قال: فأنت يا رسول الله والله تخرجه منها إن شئت، هو والله الذليل، وأنت العزيز، ثمّ قال:
يا رسول الله، ارفق به، فو الله؛ لقد جاءنا الله بك وإنّ قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه؛ فإنّه ليرى أنّك استلبته ملكا.
ثمّ مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس، ثمّ نزل بالناس، فلم يلبثوا أن وجدوا مسّ الأرض، فوقعوا نياما، وإنّما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبد الله بن أبيّ، أخزاه الله وأذلّه) .