للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما انثنى بالجيش حتّى اقعنسست ... عن مكّة ناقته إذ حبست

وهذا الذي أشار له الناظم بقوله: (وصدّ عن أم القرى) أي: منعته لذلك كفار قريش عن دخول مكة المشرفة.

ولما كان قوله: (وصدّ ... ) إلخ يشعر بأنّه عليه الصّلاة والسّلام لمّا صدّ رجع في الحال إلى المدينة.. دفع هذا بقوله:

(وما انثنى) أي: ما انعطف عليه الصّلاة والسّلام راجعا (بالجيش) الذي خرج معه، بل ظلّ سائرا، وقال: «من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها؟» (حتى اقعنسست) رجعت (عن) دخول (مكة ناقته) العضباء، ويقال لها: الجدعاء، والقصواء «١» (إذ حبست) بالبناء للمجهول: أي: لأنّ الله تعالى حبسها عن ذلك.


(١) من القصو وهو: قطع طرف الأذن، ولم تكن ناقته عليه الصّلاة والسّلام بذلك، وإنّما هي ألقاب على المشهور، قال في «روض النهاة» : (وهي التي أخذها من أبي بكر رضي الله عنه بمكة، فهاجر عليها، وكان أبى عن أخذها إلّا بالثمن، وهي إذا ذاك رباعية، وكانت صهباء، قيل: إنّها من جمال بني قشير، فلمّا دخل صلى الله عليه وسلم المدينة.. أراد كل من قبائل الأنصار النزول عليه، ويقول: «دعوها؛ فإنّها مأمورة، حتى بلغت موضع إرادته تعالى، فبركت قريبا من مكانها الأول، وألقت جرانها بالأرض، وأرزمت، فنزل عنها صلى الله عليه وسلم، ثمّ لم تزل عنده، ولا يحمله حين ينزل الوحي عليه غيرها وربما بركت من ثقل الوحي- إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم، فامتنعت من الأكل والشرب حزنا عليه إلى أن ماتت. وذكر القاضي في «الشفاء» : (أنّها كانت تكلمه، وأنّ العشب يأتيها يبادرها في المرعى، وتجتنبها الوحوش فيه، وتناديها: إنّك لمحمّد) وأشار إلى ذلك في «قرة الأبصار» بقوله:
ثمّ حمار اسمه يعفور ... والناقة القصوا فقط مأثور
وهي التي امتطى بلا امتراء ... نبينا في الهجرة الغراء
-

<<  <   >  >>