ولكن أدلّك على رجل أعزّ بها مني، عثمان بن عفان، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثه إليهم بتلك الرسالة، وخرج، حتى إذا قارب مكة.. لقيه أبان بن سعيد بن العاصي بن أميّة الأموي، فحمله بين يديه وأجاره، وهو الذي يقول:
أقبل وأدبر ولا تخف أحدا ... بنو سعيد أعزّة الحرم
فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلّغهم رسالته صلى الله عليه وسلم، وقرأ عليهم كتابه صلى الله عليه وسلم واحدا واحدا، فما أجابوا، وعزموا على ألّا يدخلها هذا العام، وقالوا لعثمان لما فرغ من تبليغ الرسالة: إن شئت أن تطوف بالبيت.. فطف، فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واحتبست قريش عثمان عندها أياما ثلاثة، فبلغه صلى الله عليه وسلم والمسلمين أنّ عثمان قتل، فقال صلى الله عليه وسلم:«لا نبرح حتى نناجز القوم» ودعا الناس إلى البيعة، فبايعوه تحت الشجرة- التي كان عليه السّلام يستظلّ بها- على الموت، وقال جابر: على أن لا يفرّوا «١» ، ولم يتخلف عن
(١) هو في «صحيح مسلم» وفيه أيضا من رواية سلمة: أنّهم بايعوه على الموت، قال النووي في «شرح مسلم» : (وفي رواية مجاشع بن مسعود: البيعة على الهجرة، والبيعة على الإسلام) وفي حديث ابن عمر وعبادة: (بايعناه على السمع والطاعة، وأن لا ننازع الأمر-