للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسلم بعد عوده بالعظما ... أكثر ممّن كان قبل أسلما

ومن فوائده أيضا: إسلام كثير من كفار قريش باختلاطهم بالمسلمين، ومجيئهم إلى المدينة معقل الإيمان والإسلام، وحسن سيرته، وأعلام نبوته الباهرة، إلى غير ذلك، ممّا جعلهم يدخلون في دين الله أفواجا، فصلّى الله على هذا الرسول العظيم الذي منحه الربّ الكريم من الرحمة ما جعله ينظر إلى وجوه المصالح والحكم لأمته، وجزاه الله خير ما جازى نبيا عن أمّته.

وعلم المؤمنون بعد ذلك أن صدّهم عن البيت ورجوعهم كان في الظاهر هضما، وفي الباطن عزّا لهم وقوة، فأذلّ الله المشركين من حيث أرادوا العزّة، وقهروا من حيث أرادوا الغلبة، وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ.

وإلى هذه الفائدة أشار الناظم رحمه الله بقوله:

(أسلم) وانقاد لأمره ودينه صلى الله عليه وسلم (بعد عوده) أي: بعد رجوعه «١» من الحديبية واجتماعه


(١) فالعود: الرجوع، ومنه: العود أحمد، ومنه: العود محمود؛ أي: الابتداء بالمعروف والإعادة إليه أكسب للحمد، قاله أعرابي اسمه خراش، خطب بنت عم له اسمها الرباب، فرده أبوها، فأضرب عنها زمانا، ثمّ أقبل حتى انتهى إلى حلتهم- أي: منزلهم- متغنيا بأبيات منها:
ألا ليت شعري يا رباب متى أرى ... لنا منك نجحا أو شفاء فأشتفي
فسمعت ما قال وحفظته، وبعثت إليه: أن قد عرفت حاجتك، فاغد خاطبا، ثم قالت لأمها: هل أنكح إلّا من أهوى، وألتحف إلّا من أرضى؟ قالت نعم. قالت: فأنكحيني خراشا، فقالت على قلة ماله؟! قالت: إذا جمع المال السيء الفعال.. فقبحا للمال، فأصبح فسلّم عليهم، وقال: العود أحمد، والمرأة ترشد، والورد يحمد. فأرسلها مثلا.

<<  <   >  >>