وبعثوا جمل عمرو بن هشام ... هديا وإنكاء إلى البيت الحرام
فيهم اختلط بعضهم ببعض من غير نكير، وأسمع المسلمون المشركين القرآن، وناظروهم على الإسلام جهرة آمنين، وكانوا قبل ذلك لا يتكلمون عندهم بذلك إلّا خفية، فظهر من كان يخفي إسلامه، فذلّ المشركون من حيث أرادوا العزّة، وقهروا من حيث أرادوا الغلبة) .
وقال ابن إسحاق:(وقال الزّهري: ما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه، إنّما كان القتال حيث التقى الناس، فلمّا كانت الهدنة، ووضعت الحرب، وأمن الناس كلهم بعضهم بعضا، والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة.. فلم يكلّم أحد يعقل في الإسلام شيئا إلّا دخل فيه، ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان دخل في الإسلام قبل ذلك أو أكثر) .
والدليل على قول الزّهري: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحديبية في ألف وأربع مئة في قول جابر بن عبد الله، ثمّ خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف.
ومن فوائد هذا الصلح: ما أشار له بقوله:
(وفيه) أي: العود من غير قتال (إبقاء) للحياة (على) المؤمنين (المستضعفين) بمكة، قال ابن عباس رضي الله عنه:(أنا وأمّي من المستضعفين) .
(وبعثوا) أي: المسلمون (جمل) أبي جهل (عمرو بن هشام) واسمه: العصيفير، برته من فضة، وهي بضم الباء