للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و (سورة الفتح) لدى القفول ... أنزلها الله على الرّسول

المدينة، وفي نفوس أصحابه بعض شيء من عدم الفتح الذي كانوا لا يشكّون فيه، ولولا إيمانهم»

الصحيح، وثقتهم بهذا النبيّ الأمين.. لما رجعوا، فأنزل الله تعالى (سورة الفتح) كما قال الناظم:

(وسورة الفتح) وهي: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ إلى آخرها (لدى القفول) أي: عند الرجوع إلى المدينة، بجبل على بريد من مكة، يقال له:

ضجنان «٢» ، بوزن سكران (أنزلها الله) بتمامها (على


(١) حتى قال عمر رضي الله عنه- كما في «طبقات ابن سعد» -: (لقد صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة على صلح، وأعطاهم شيئا، لو أنّ نبي الله أمّر عليّ أميرا فصنع الذي صنع نبي الله.. والله؛ ما سمعت له ولا أطعت، وكان الذي جعل لهم: أنّ من لحق من الكفار بالمسلمين.. يردونه، ومن لحق بالكفار.. لم يردوه) اهـ
(٢) عند هذا الجبل واد كان عمر بن الخطاب يرعى فيه إبلا لوالده، روي عنه أنّه قال في انصرافه من حجته التي لم يحج بعدها: (الحمد لله، ولا إله إلّا الله، يعطي من يشاء ما يشاء، لقد كنت بهذا الوادي- يعني ضجنان- أرعى إبلا للخطاب، وكان فظّا غليظا يتعبني إذا قصرت، وقد أصبحت وأمسيت، وليس بيني وبين الله أحد أخشاه) ثمّ تمثل فقال:
لا شيء ممّا نرى تبقى بشاشته ... يبقى الإله ويفنى المال والولد
لم تغن عن هرمز يوما خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح له ... والجن والإنس فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت لعزتها ... من كل أوب إليها وافد يفد
حوض هنا لك مورود بلا كذب ... لا بد من ورده يوما كما وردوا
وكان عمر رضي الله عنه يستعذب الشعر الفحل، ويستشهد به، وقد أوصى بالاعتداد به، فقال: (رووا أولادكم الشعر.. تتهذب طباعهم، وترق ألسنتهم) وفيه تشجيع للأدب البريء، وكان له نظر في الشعراء، قال يوما لبعض جلسائه: (من أشعر الناس؟) فأجاب-

<<  <   >  >>