وأخذوا في السير (حتى انتهوا إلى الحرم) أي: مكة شرفها الله تعالى؛ لأنّه صلى الله عليه وسلم حرّمها بقوله:
«مكة حرام، لا تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنّما أحلّت لي ساعة من نهار» .
(وضربت له هناك) أي: بالحجون من أرض الحرم بمكة (قبة) يستظل «١» بها (أرضى بها الله، وأرضى حزبه) جنده أو قومه الذين هم على رأيه، أو طائفته.
قال في «روض النّهاة» : (وكل ذلك محتمل هنا؛ إذ يصح أن يكون أراد قريشا؛ لأنّه صلى الله عليه وسلم أرضاهم ذلك اليوم بأفعاله الكريمة وأقواله الحميدة. كقوله:«اليوم يوم المرحمة» وقوله: «ما تروني فاعلا بكم؟» قالوا:
خيرا؛ أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال:«اذهبوا، فأنتم الطّلقاء» ولأنّه صلى الله عليه وسلم لم يسبّ أحدا، ولم يغنم ناطقا ولا صامتا وهو فيما هو فيه من المقدرة، وجهد أصحابه في المعيشة، وقد ردّ المفتاح على أهله قبل من بني عبد الدار.
ويصح أن يكون المراد بالحزب الأنصار، وهم قومه الذين
(١) لأنّه عليه الصّلاة والسّلام دخل مكة على الصحيح من أعلاها، ودخل خالد من أسفلها كما سيأتي، قال في «شرح المواهب» : (ولم يزل بالحجون، لم يدخل بيتا، وكان يأتي المسجد لكل صلاة من الحجون، وكان أبو رافع ضرب له به قبة من أدم، ومعه أم سلمة وميمونة) .