«ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله؟» قال: بأبي أنت وأمّي، ما أحلمك، وأكرمك، وأوصلك! أمّا والله هذه؛ فإنّ في النفس حتى الآن منها شيئا، فقال له العباس: ويحك أسلم، واشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك، قال: فشهد شهادة الحقّ، فأسلم.
قال العباس: قلت يا رسول الله؛ إنّ أبا سفيان رجل يحب الفخر، فاجعل له شيئا «١» ، قال:«نعم، من دخل دار أبي سفيان.. فهو آمن، ومن أغلق بابه عليه.. فهو آمن، ومن دخل المسجد.. فهو آمن» .
ثمّ أمر العبّاس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الجبل، عند خطم الجبل؛ حتى تمر به جنود الله فيراها، ففعل، فمرّت القبائل على راياتها، كلّما مرّت قبيلة.. قال: يا عباس من هذه؟ فأقول: سليم، قال: ما لي ولسليم، ثمّ تمر به القبيلة فيقول: يا عباس؛ من هؤلاء؟ فأقول مزينة، فيقول: ما لي ولمزينة، حتى نفدت القبائل، ما تمر به قبيلة.. إلّا سألني عنها، فإذا أخبرته بهم.. قال: ما لي ولبني فلان، حتى مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء فيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلّا الحدق من الحديد،
(١) قصد العباس بذلك تثبيت إسلام أبي سفيان؛ لئّلا يدخل عليه شيطان، بأنّه كان متبوعا فأصبح تابعا، ليس له من الأمر شيء، ولذا قال العباس: إنّه رجل يحب الفخر. اهـ