وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس:«أين أيّها الناس؟» فلم أر الناس يلوون على شيء، فقال:«يا عباس؛ اصرخ:
يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة» قال: فأجابوا لبّيك، لبّيك، قال: فيذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر على ذلك، فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره ويخلي سبيله، فيؤم الصوت، حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا اجتمع إليه منهم مئة..، استقبلوا الناس، فاقتتلوا.
وكانت الدعوة أول ما كانت: يا للأنصار، ثمّ خلصت أخيرا: يا للخزرج، وكانوا صبرا عند الحرب، فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه، فنظر إلى مجتلد القوم وهم يجتلدون فقال:«الآن حمي الوطيس»«١» ) اهـ
(١) أي: اشتد الحرب، وهذا من الأمثال التي قالها صلى الله عليه وسلم ولم يسبق إليها. قال الحافظ مغلطاي: (وأمثاله صلى الله عليه وسلم التي لم يسبق إليها كثيرة، كقوله عليه السّلام: «حمي الوطيس» ، و «لا ينتطح فيها عنزان» و «الولد للفراش، وللعاهر الحجر» ، و «كل الصيد في جوف الفرا» و «الحرب خدعة» و «لا تجني على المرء إلّا يده» و «الشديد من غلب نفسه» و «ليس الخبر كالمعاينة» و «المجالس بالأمانة» و «اليد العليا خير من اليد السفلى» و «البلاء موكل بالمنطق» و «الناس كأسنان المشط» و «ترك الشر صدقة» و «أي داء أدوأ من البخل» و «الأعمال بالنيات» ، و «الحياء خير كله» و «اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع» و «سيد القوم خادمهم» و «فضل العلم خير من فضل العبادة» و «الخيل