فأغناكم الله؟ وأعداء فألّف الله بين قلوبكم؟» قالوا: بلى، الله ورسوله أمنّ وأفضل، ثمّ قال:«ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟» قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؛ لله ولرسوله المنّ والفضل، قال صلى الله عليه وسلم:«أمّا والله؛ لو شئتم.. لقلتم ولصدقتم: أتيتنا..- كذا وكذا- أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا، تألّفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فو الّذي نفس محمّد بيده؛ لولا الهجرة.. لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا، وسلكت الأنصار شعبا.. لسلكت شعب الأنصار، اللهمّ ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار» قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا، ثمّ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرّقوا) .
وفي الصحيح: (أنّهم لمّا سئلوا: «ما حديث بلغني عنكم؟» قال فقهاء الأنصار: أمّا رؤساؤنا.. فلم يقولوا شيئا، وأمّا ناس منا حديثة أسنانهم.. فقالوا: يغفر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا.. إلخ، ولذلك قال الحافظ في فوائد هذه المقالة، بين هذا الأب الرحيم وأبنائه البررة:
منها: حسن أدب الأنصار في تركهم المماراة، والمبالغة في الحياء، وبيان أنّ الذي نقل عنهم إنّما كان عن شبانهم، لا عن شيوخهم وكهولهم.