ثمّ لروم بتبوك استنفرا ... (لام) ألوف عام عسر اعترى
المثقلة، وبالسيارة نحو أربع أيام؛ لأنّ الطريق غير معبّد اليوم، وتسمى غزوة العسرة، وقد عبد بعد ذلك، فلله الحمد والمنّة، فالمسافة إنّما هي ساعات قلائل.
وكانت يوم الخميس في غرة رجب سنة تسع من الهجرة، قال في «المواهب» : (بلا خلاف، وهي آخر مغازيه صلى الله عليه وسلم، غزاها في حرّ شديد، وجدب كثير؛ لذلك لم يورّ عنها كعادته في سائر الغزوات، قال كعب بن مالك، كما في الصحيح: لم يكن صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلّا ورّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة؛ غزاها في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا، وغزا عدوّا كثيرا، فجلّى للمسلمين أمرهم؛ ليتأهّبوا أهبة غزوتهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد) .
ولذلك يشير الناظم مبينا وجهته عليه الصّلاة والسّلام التي صرّح بها للمسلمين، مستنفرا ثلاثين ألفا من الأصحاب الكرام فقال:
(ثم) بعد فراغه عليه الصّلاة والسّلام من الطائف بنحو ستة أشهر (لروم) أي: لقتال بعض من الروم كائنين (بتبوك) لأنّهم لم يكونوا كلهم بها؛ فلذلك لم يقل للروم، ويتعلق الجار بقوله:(استنفرا) أي: طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينفر للروم هذا العدد المشار إليه بقوله: (لام ألوف) أي: ثلاثين ألفا ممّن أسلم من العرب والمهاجرين والأنصار،