كذبوا، فإنّ الله تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد، فقال تبارك وتعالى: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إلى قوله: فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ
قال كعب: وكنا تخلّفنا أيّها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له، فبايعهم، واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو، وإنّما هو تخليفه إيّانا، وإرجاؤه أمرنا عمّن حلف له) .
قال العلّامة أبو القاسم السهيليّ في «الروض» : (وإنّما اشتدّ غضبه صلى الله عليه وسلم على من تخلف، ونزل فيهم من الوعيد ما نزل، حتى تاب الله على الثلاثة منهم، وإن كان الجهاد من فروض الكفاية لا من فروض الأعيان.. لكونه «١» في حق الأنصار خاصة كان فرض عين، وعليه بايعوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ألا تراهم يقولون يوم الخندق وهم يرتجزون:
نحن الذين بايعوا محمّدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا
ومن تخلّف منهم يوم بدر إنّما تخلّف؛ لأنّهم خرجوا لأخذ عير، ولم يظنوا أن سيكون قتال، فكذلك كان تخلفهم
(١) في الأصل و «الروض» : (لكنه) ، ولعل الصواب ما أثبت.