وهو لا يدري أين ناقته (فابتهته) رسول الله؛ أي: أوقعه في الحيرة، لا يدري معها ماذا يجيب؛ فإنّه عليه الصّلاة والسّلام قال:«إنّ رجلا يقول كذا وكذا- وذكر مقالته- وإنّي والله لا أعلم إلّا ما علّمني الله، وقد دلّني الله عليها، وهي في الوادي، في شعب كذا وكذا، قد حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوني بها» فانطلقوا فجاؤوا بها.
وذكر ابن إسحاق ذلك بتوضيح فقال:(وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه يقال له:
عمارة بن حزم عقبيّ، بدريّ، وكان في رحله زيد بن اللّصيت المنافق، فرجع إلى رحله فقال: والله؛ لعجب من شيء حدّثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا عن مقالة قائل، أخبره الله عنه بكذا وكذا، للّذي قال زيد بن اللصيت! فقال رجل ممّن كان في رحل عمارة- ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم-: زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي، فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه، ويقول: إليّ عباد الله؛ إن في رحلي لداهية وما أشعر، اخرج أي عدو الله من رحلي، فلا تصحبني، قال ابن إسحاق: فزعم بعض الناس أنّ زيدا تاب بعد ذلك، وقال بعض الناس: لم يزل متّهما بشر حتى هلك) اهـ.
وذكره الحافظ في «الإصابة» في القسم الأول، وحكى الاختلاف في توبته، والله أعلم.