وحاصل ما أشار له الناظم: أنّ أبا سفيان لمّا بلغه من بعض الركبان: أنّه صلى الله عليه وسلم استنفر أصحابه للعير.. خاف خوفا شديدا، فاستنفر النفير- أي: القوم النافرين للحرب- واستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري بعشرين مثقالا؛ ليأتي مكة، وأمره أن يجدع بعيره، ويحوّل رحله، ويشق قميصه من قبله ومن دبره إذا دخل مكة، ويخبر قريشا أنّ محمّدا قد عرض لعيرهم هو وأصحابه، وكانت تلك العير فيها أموال قريش، حتى قيل: إنّه لم يبق قرشي ولا قرشية له مثقال فصاعدا إلّا بعث به في تلك العير، فأسرع ضمضم إلى مكة، حتى إذا كان ببطن الوادي.. وقف على بعيره، وقد جدعه؛ أي: قطع أنفه، أو أذنه، وحوّل رحله، وشقّ قميصه، وهو يصرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش؛ اللّطيمة، اللطيمة أي: أدركوا اللطيمة، وهي العير التي تحمل الطيب والبز- أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد وأصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث، فتجهز الناس سراعا وهم يقولون: أيظن محمّد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟! كلا والله، ليعلمنّ غير ذلك، فلم تملك قريش من أمرها شيئا حتى نفروا على الصعب والذلول، وتجهّزوا في ثلاثة أيام، وأعان قويّهم ضعيفهم.
استيثاق الرسول صلّى الله عليه وسلّم من أمر الأنصار:
ثم فرّع الناظم رحمه الله تعالى على ما ذكره من استنفار