* (مسألة) * (والشهيد لا يغسل إلا أن يكون جنباً) اذا مات الشهيد في المعركة لم يغسل رواية واحدة إذا لم يكن جنباً، وهذا قول أكثر أهل العلم ولا نعلم خلافا إلا عن الحسن وسعيد بن المسيب فانهما قالا يغسل ما مات ميت إلا جنباً ولنا ما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم
متفق عليه.
إذا ثبت هذا فيحتمل أن ترك الغسل لما يتضمنه من إزالة أثر العبادة المستطاب شرعاً فانه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة اللون لون دم والريح ريح مسك " رواه البخاري.
وروي عبد الله بن ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " زملوهم بدمائهم فإنه ليس كلم يكلم في الله إلا يأتي يوم القيامة يدمى لونه لون الدم وريحه ريح المسك " رواه النسائي، ويحتمل أن الغسل لا يجب إلا من أجل الصلاة إلا أن الميت لا فعل له فأمرنا بغسله ليصلى عليه، فمن لم تجب الصلاة عليه لم يجب غسله كالحي، ويحتمل أن الشهداء في المعركة يكثرون فيشق غسلهم فعفي عنه لذلك (فصل) فإن كان الشهيد جنباً غسل وبه قال أبو حنيفة، وقال مالك لا يغسل لعموم الخبر في الشهداء وعن الشافعي كالمذهبين ولنا ما روى أن حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ما شأن حنظلة فإني رأيت الملائكة تغسله " قالوا أنه جامع ثم سمع الهيعة فخرج إلى القتال رواه ابن إسحق في المغازي ولأنه غسل واجب لغير الموت فلم يسقط بالموت كغسل النجاسة.
وحديثهم ورد في شهداء أحد وحديثنا خاص في حنظلة وهو من شهداء أحد فيجب تقديمه، وعلى هذا كل من وجب عليه الغسل بسبب سابق على الموت كالمرأة تطهر من حيض أو نفاس ثم تقتل فهي كالجنب لما ذكرنا من العلة، ولو قتلت في حيضها أو نفاسها لم يجب الغسل لأن الطهر شرط في الغسل أو في السبب الموجب فلا يثبت الحكم بدونه، فان أسلم ثم استشهد قبل الغسل فلا غسل عليه لأنه روي أن أصيرم بني عبد الأشهل أسلم يوم أحد ثم قبل فلم يؤمر بغسل * (مسألة) * (وينزع عنه السلاح والجلود ويزمل في ثيابه وإن أحب فيكفنه في غيرها) أما دفنه في ثيابه فلا نعلم فيه خلافاً وقد ثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم " ادفنوهم في ثيابهم " وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا في ثيابهم بدمائهم رواه أبو داود وابن ماجة، وليس ذلك بواجب لكنه الأولى، ويجوز للولي أن ينزع ثيابه ويكفنه بغيرها، وقال أبو حنيفة لا ينزع ثيابه لظاهر الخبر