وابن عبد البر أجمع العلماء على أن من أحرم في أشهر الحج بعمرة وحل منها ولم يكن من حاضري المسجد ثم أقام بمكة حلالاً ثم حج من عامه أنه متمتع عليه دم.
وقال القاضي إذا تجاوز الميقات حتى صار بينه وبين مكة أقل من مسافة القصر فأحرم منه فلا دم عليه للمتعة لأنه من حاضري المسجد الحرام وليس بجيد فإن حضور المسجد الحرام إنما يحصل بالإقامة به ونية ذلك، وهذا لم تحصل منه الإقامة ولا نيتها ولأن الله تعالى قال (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) وهذا يقتضي أن يكون المانع من الدم السكنى به وهذا ليس بساكن، وإن أحرم الآفاقي بعمرة في غير أشهر الحج ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج وحج من عامه فهو متمتع نص عليه أحمد وعليه دم وفي تنصيصه على هذه الصورة تنبيه على إيجاب الدم في الصورة الأولى بطريق الأولى، وذكر القاضي شرطاً سادساً لوجوب الدم وهو أن ينوي في ابتداء العمرة وفي أثنائها أنه متمتع وظاهر النص يدل على أن هذا غير مشترط فإنه لم يذكره، وكذلك الإجماع الذي ذكرناه مخالف لهذا القول لأنه قد حصل له الترفه بترك أحد السفرين فلزمه الدم كمن نوى (فصل في وقت وجوب الهدي وذبحه) أما وقت وجوبه فعن أحمد أنه يجب إذا أحرم بالحج وهو قول أبي حنيفة والشافعي لأن الله تعالى قال (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) وهذا قد فعل ذلك ولأن ما جعل غاية فوجود أوله كاف كقوله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل) وعنه أنه يجب الدم إذا وقف بعرفه اختاره القاضي، وهو قول مالك لأن التمتع بالعمرة إلى الحج إنما يحصل بعد وجود الحج منه ولا يحصل ذلك إلا بالوقوف لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحج عرفة " ولأنه قبل ذلك بعرض الفوات فلا يحصل التمتع ولأنه لو احرم بالحج ثم أحصر أو فاته الحج لم يلزمه دم المتعة ولا كان متمتعاً ولو وجب الدم لما سقط وقال عطاء: يجب إذا رمى الجمرة.
ونحوه قال أبي الخطاب
قال: يجب إذا طلع الفجر يوم النحر لأنه وقت ذبحه فكان وقت وجوبه، وأما وقت ذبحه فيوم النحر، وبه قال مالك وأبو حنيفة لأن ما قبل يوم النحر لا يجوز ذبح الأضحية فيه فلا يجوز ذبح الهدي الذي للمتمتع كما قبل التحلل من العمرة، وقال أبو الخطاب: سمعت أحمد قال في الرجل يدخل مكة في شوال ومعه هدي قال ينحر بمكة وإن قدم قبل العشر نحره لا يضيع أو يموت أو