الجميع احتمل الجواز لأنهما قد شرطا قطع كل الزرع وتسليم الأرض فارغة واحتمل المنع لأن باقي الزرع ليس بمبيع فلا يصح بشرط قطعه في العقد (مسألة)(ويصح الصلح عن المجهول بمعلوم إذا كان مما لا يمكن معرفته للحاجة) يصح الصلح عن المجهول سواء كان عيناً أو ديناً إذا كان مما لا سبيل إلى معرفته قال أحمد في الرجل يصالح عن الشئ فان علم أنه أكثر منه لم يجز إلا أن يوقفه عليه إلا أن يكون مجهولاً لا يدري ما هو، ونقل عنه عبد الله إذا اختلط قفيز حنطة بقفيز شعير وطحنا فإن عرف قيمة دقيق الحنطة ودقيق الشعير بيع هذا وأعطي كل واحد منهما قيمة ماله إلا أن يصطلحا على شئ ويتحالا وقال ابن أبي موسى الصلح الجائز وصلح الزوجة من صداقها الذي لا بينة لها به ولا علم لها ولا للورثة بمبلغه وكذلك الرجلان تكون بينهما المعاملة والحساب الذي قد مضى عليه الزمن الطويل لاعلم لكل واحد منهما بما عليه لصاحبه فيجوز الصلح بينهما، وكذلك من عليه حق لا علم له بقدره جاز أن يصالح عليه وسواء كان الحق يعلم حقه ولا بينة له ويقول القابض إن كان لي عليك حق فأنت منه في حل ويقول الدافع إن كنت أخذت أكثر من حقك فأنت منه في حل وقال الشافعي
لا يصح الصلح على مجهول لأنه فرع البيع والبيع لا يصح على مجهول ولنا ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجلين اختصما في مواريث درست (استهما وتوخيا وليحلل أحدكما صاحبه) رواه أحمد بمعناه وهذا صلح على المجهول ولأنه إسقاط حق فصح في المجهول كالعتاق ولأنه إذا صح الصلح مع العلم وإمكان أداء الحق بعينه فلأن يصح مع الجهل أولى وذلك لأنه إذا كان معلوماً فلهما طريق إلى التخلص وبراءة أحدهما من صاحبه بدونه ومع الجهل لا يمكن ذلك فلو لم يجز الصلح أفضى إلى ضياع المال على تقدير أن يكون بينهما مال لا يعرف كل واحد منهما قدر حقه منه ولا نسلم كونه فرع بيع وإنما هو إبراء وإن سلمنا كونه فرع بيع فإن البيع يصح في المجهول عند الحاجة كبيع أساسات الحيطان وطي الآبار وما مأ كوله في جوفه ولو اتلف رجل صبرة طعام لا يعلم قدرها فقال صاحب الطعام المتلفه بعتك الطعام الذي في ذمتك بهذا الدرهم أو بهذا الثوب صح.
إذا ثبت هذا فمتى كان العوض في الصلح مما لا يحتاج إلى تسليمه ولا سبيل إلى معرفته كالمختصمين في مواريث دارسة وحقوق سالفة أو في أرض أو عين من المال لا يعلم كل واحد قدر حقه صح الصلح مع الجهالة من الجانبين لما ذكرنا من الخبر والمعنى، وإن كان يحتاج إلى تسليمه لم يجز مع الجهالة ولا بد من العلم به لأن تسليمه واجب والجهالة تمنعه وتفضي إلى التنازع فلا يحصل مقصود الصلح (فصل) فأما ما يمكنهما معرفته كتركة موجودة أو يعمله الذي هو عليه ويجهله صاحبه فلا يصح