(فصل) ويجوز بيع الجوز واللوز والفستق والباقلا والرطب في قشريه مقطوعاً وفي شجره وبيع الطلع قبل تشقيقه مقطوعاً وفي شجره وبيع الحب المشتد في سنبله، وبه قال أبو حنيفة ومالك، وقال الشافعي لا يجوز حتى ينزع قشره الا على إلا في الطلع والسنبل في أحد القولين، واحتج بأنه مستور بما لا يدخر عليه ولا مصلحة فيه فلم يجز بيعه كتراب الصاغة والمعادن وبيع والحيوان المذبوح في سلخه.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وعن بيع السنبل حتى يبيض وتؤمن العاهة فمفهومة إباحة بيعه إذا بدا صلاحه وأبيض سنبله ولأنه مستور بحائل من أصل خلقته فجاز بيعه كالرمان والبيض والقشر الأسفل، ولا يصح قولهم ليس من مصلحته فإنه لاقوام له في شجرة إلا به، والباقلا
يؤكل رطباً وقشره يحفظ رطوبته ولأن الباقلا يباع في أسواق المسلمين من غير نكير وهذا إجماع، وكذلك الجوز واللوز في شجرهما والحيوان المذبوح يجوز بيعه في سلخه فإنه إذا جاز بيعه قبل ذبحه وهو مراد للذبح فكذلك إذا ذبح كما أن الرمانة إذا جاز بيعها قبل كسرها فكذلك إذا كسرت، وأما تراب الصاغة والمعادن فلنا فيهما منع وإن سلم فليس ذلك من أصل الخلقة في تراب الصاغة ولا بقاؤه فيه من مصلحته بخلاف مسألتنا.
(فصل)(السابع أن يكون الثمن معلوماً فإن باعه السلعة برقمها أو بألف درهم ذهباً وفضة أو بما ينقطع به السعر أو بما باع به فلان أو بدينار مطلق وفي البلد نقود لم يصح البيع وإن كان فيه نقد واحد انصرف إليه) يشترط أن يكون الثمن في البيع معلوماً عند المتعاقدين لأنه أحد العوضين فاشترط العلم به كالآخر وقياساً على رأس مال السلم فإن باعه السلعة برقمها وهما لا يعلمانه أو أحدهما لم يصح البيع للجهالة فيه وكذلك إن باعه بألف درهم ذهباً وفضه لأنه مجهول ولأنه بيع غرر فيدخل في عموم النهي عن بيع الغرر، وإن باعه بمائة ذهباً وفضة لم يصح البيع، وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يصح ويكون نصفين لأن الإطلاق يقتضي التسوية كالإقرار، ولنا أن قدر كل واحد منهما مجهول فلم يصح كما لو قال بمائة بعضها ذهب وقوله إنه يقتضي التسوية ممنوع فإنه لو فسره بغير ذلك صح.
وكذلك لو أقر له بمائة ذهباً وفضة فالقول قوله في قدر كل واحد منهما.
وإن باعه بما ينقطع السعر به أو بما باع به فلان عبده وهما لا يعلمانه أو أحدهما لم يصح لأنه مجهول، وإن باعه بدينار مطلق وفي البلد نقود لم يصح لجهالته وإن كان فيه نقد واحد انصرف إليه لأنه تعين بانفراده وعدم مشاركة غيره ولهذا لو أقر بدينار أو أوصى به انصرف إليه.
{مسألة}(وإن قال بعتك بعشرة صحاح أو إحدى عشرة مكسرة أو بعشرة نقد أو عشرين نسيئة لم يصح) لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعه وهذا هو كذلك فسره مالك والثوري واسحاق، وهذا قول أكثر أهل العلم لأنه لم يجزم له ببيع واحد أشبه ما لو قال بعتك أحد هذين ولأن الثمن مجهول فلم يصح كالبيع بالرقم المجهول، وقد روي عن طاوس والحكم وحماد أنهم قالوا لا بأس ان يقول أبيعك بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا فيذهب إلى أحدهما فيحتمل انه جرى بينها بعد ما يجري في العقد فكأن المشتري قال أنا آخذه بالنسيئة بكذا