ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " في النفس المؤمنة مائة من الإبل " وهذا مطلق فتقييده يخالف اطلاقه فلم يجب إلا بدليل ولأنها كانت تؤخذ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقيمتها ثمانية آلاف، وقول عمر في حديثه
أن الإبل قد غلت فقومها على أهل الورق اثني عشر ألفاً دليل على أنها في حال رخصها أقل قيمة من ذلك وقد كانت تؤخذ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من خلافه عمر مع رخصها وقلة قيمتها ونقصها عن مائة وعشرين فإيجاب ذلك فيها خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين دية الخطأ والعمد فغلظ دية العمد وخفف دية الخطأ وأجمع عليه أهل العلم، واعتبارها بقيمة واحدة تسوية بينهما وجمع بين ما فرق الشارع وإزالة التخفيف والتغليظ جميعاً بل هو تغليظ لدية الخطأ لأن اعتبار ابنة مخاض بقيمة ثنية أو جذعة يشق جداً فيكون تغليظاً لدية الخطأ وتخفيفاً لدية العمد وهذا خلاف ما قصده الشارع وورد به، ولأن العادة نقص قيمة بنات المخاض عن قيمة الحقاق والجذعات فلو كانت تؤدى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيمة واحدة ويعتبر فيها ذلك النقل ولم يجز الإخلال به لأن ما ورد الشرع به مطلقاً إنما يحمل على العرف والعادة فإذا أريد به ما يخالف العادة وجب بيانه وايضاحه لئلا يكون تلبيساً في الشريعة وإيهامهم أن حكم الله خلاف ما هو حكمه على الحقيقة والنبي صلى الله عليه وسلم بعث للبيان قال الله تعالى (لتبين للناس ما نزل إليهم) فكيف يحمل قولهم على الإلباس والألغاز هذا لا يحل لو حمل الأمر على ذلك لكان ذكر الأسنان عبثاً غير مفيد فإن فائدة ذلك إنما هو لكون