أما إذا قال بعتني هذا العبد والأمة بمائة قال بل بعتك العبد بخمسين فالقول قول البائع لأن المشتري يدعي عقداً ينكره البائع والقول قول المنكر، وإن قال البائع بعتك هذا العبد بألف فقال بل هو والعبد الآخر بألف فالقول قول البائع مع يمينه وهو قول أبي حنيفة لان البائع ينكر بيع العبد الزائد فكان القول قوله مع يمينه كما لو ادعى شراءه منفرداً.
وقال الشافعي يتحالفان لأنهما اختلفا في أحد عوضي العقد أشبه ما لو اختلفا في الثمن وهذا القول أقيس وأولى إن شاء الله تعالى {مسألة}(وإن قال بعتني هذا قال بل هذا حلف كل واحد منهما على ما أنكره ولم يثبت بيع واحد منهما) وذلك مثل أن يقول البائع بعتك هذا العبد قال بل بعتني هذه الجارية لأن كل واحد منهما يدعي عقداً على عين ينكرها المدعى عليه والقول قول المنكر فإذا حلف البائع ما بعتك هذه الجارية أقرت في يده وإن كان مدعيها قد قبضها ردت عليه وأما العبد فان كان في يد البائع أقر في يده ولم يكن للمشتري طلبه لأنه لا يدعيه وعلى البائع رد الثمن اليه لأنه لم يصل إليه المعقود عليه، وإن كان في يد المشتري فعليه رده إلى البائع لأنه يعترف أنه لم يشتره وليس للبائع طلبه إذا بذل ثمنه لاعترافه بيعه، وإن لم يعطه ثمنه فله فسخ البيع واسترجاعه لتعذر الثمن عليه فملك الفسخ كما لو أفلس المشتري، وإن أقام كل واحد منهما بينة بدعواه ثبت العقدان لأنهما لا يتنافيان فأشبه مالو ادعى أحدهما البيع فيهما جميعاً وأنكره الآخر، وإن أقام أحدهما بينة دون
الأخر ثبت ما قامت عليه البينة دون الآخر {مسألة}(وإن قال البائع لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن، وقال المشتري لا أسلمه حتى أقبض المبيع وكان الثمن عيناً أو عرضاً جعل بينهما عدل يقبض منهما ويسلم إليهما) لأن حق البائع قد تعلق بعين الثمن كما تعلق حق المشتري بعين المبيع فاستويا وقد وجب لكل واحد منهما على الآخر حق قد استحق قبضه فأجبر كل واحد منهما على إيفاء صاحبه حقه وهذا قول الثوري وأحد أقوال الشافعي، وعن أحمد ما يدل على أن البائع يجبر على تسليم المبيع أولا وهو قول ثان للشافعي والأول أولى لما ذكرنا، وقال أبو حنيفة ومالك يجبر المشتري على تسليم الثمن قبل الاستيفاء كالمرتهن ولنا أن تسليم المبيع يتعلق به استقرار البيع وتمامه فكان تقديمه أولى ويخالف الرهن فإنه لا تتعلق به مصلحة عقد الرهن والتسليم ههنا يتعلق به مصلحة عقد البيع وإن كان ديناً أجبر البائع على تسليم المبيع ثم أجبر المشتري على تسليم الثمن لأن حق المشتري تعلق بعين المبيع وحق البائع تعلق بالذمة وتقديم ما تعلق بالعين أولى لتأكده وكذلك تقديم الدين الذي به الرهن على ما في الذمة