فإن علم الحاكم دون الولي فالضمان على الحاكم وحده لأن المباشر معذور فكان الضمان على المسبب كالسيد إذا امر عبده الأعجمي الذي لا يعرف تحريم القتل به وكشهود القصاص إذا ارجعوا عن الشهادة بعد الاستيفاء وقال القاضي إن كان أحدهما عالماً وحده فالضمان عليه وحده وإن كانا غير عالمين فالضمان على الحاكم لأنه الذي يعرف الأحكام والولي إنما يرجع إلى حكمه واجتهاده وإن كانا جاهلين ففيه وجهان (أحدهما) الضمان على الإمام كما لو كانا عالمين (والثاني) على الولي وهو مذهب الشافعي وقال أبو الخطاب الضمان على الحاكم ولم يفرق وقال المزني الضمان على الولي في كل حال لأنه المباشر والسبب غير ملجئ فكان الضمان عليه كالدافع مع الحافر وكما لو أمر من يعلم تحريم القتل به فقتل وقد ذكرنا ما يقتضي التفريق وهو اختيار شيخنا
(فصل) قال الشيخ رحمه الله ولا يستوفي القصاص إلا بحضرة السلطان وحكاه عن أبي بكر وهو مذهب الشافعي لأنه أمر يفتقر إلى الاجتهاد ويحرم الحيف فيه فلا يؤمن الحيف مع قصد التشفي فإن استوفاه من غير حضرة السلطان وقع الموقع ويعزر لافتياته بفعل ما منع فعله ويحتمل أن يجوز الاستيفاء بغير حضور السلطان إذا كان القصاص في النفس لأن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل يقوده بنسعة فقال أن هذا قتل أخي فاعترف بقتله فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اذهب فاقتله " رواه مسلم بمعناه ولان اشتراط حضور السلطان لا يثبت إلا بنص أو إجماع أو قياس ولم يثبت ذلك ويستحب أن يحضر شاهدين لئلا يجحد المجني عليه الاستيفاء (مسألة)(وعليه تفقد الآلة فإن كانت كالة منعه الاستيفاء بها لئلا يعذب المقتول) وقد روى شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله كتب الاحسان على كل شئ