وقد روى مالك بإسناده عن أبي البداح بن عاصم عن أبيه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر يرمونه في أحدهما.
قال مالك ظننت أنه قال في أول يوم منهما ثم يرمون يوم النفر.
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، ورواه ابن عيينة قال رخص للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً وكذلك الحكم في أهل سقاية الحاج إلا أن الفرق بين الرعاء وأهل السقاية أن الرعاء إذا قاموا حتى غربت الشمس لزمهم المبيت إذا قلنا بوجوبه وأهل السقاية لا يلزمهم لأن الرعاء إنما رعيهم بالنهار فإذا غربت الشمس انقضى وقت الرعي وأهل السقاية يستقون بالليل، وصار الرعاء كالمريض الذي يسقط عنه حضور الجمعة لمرضه فإذا حضرها تعينت عليه كذلك الرعاء أبيح لهم ترك المبيت لأجل الرعي فإذا فات وقته وجب المبيت، وأهل الأعذار من غير الرعاء كالمرضى ومن له مال يخاف ضياعه ونحوهم كالرعاء في ترك البيتوتة لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهؤلاء تنبيها على غيرهم فوجب إلحقاهم بهم لوجود المعنى فيهم (فصل) ومن كان مريضاً أو محبوساً أو له عذر جاز أن يستنيب من يرمي عنه.
قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله إذا رمى عنه الجمار يشهد هو ذاك أم يكون في رحله؟ قال يعجبني أن يشهد ذاك إن قدر حين يرمى عنه.
قلت فإن ضعف عن ذلك يكون في رحله ويبعث من يرمي عنه؟ قال: نعم قال القاضي: المستحب أن يضع الحصى في يد النائب ليكون له عمل في الرمي.
وإن أغمي على المستنيب لم تنقطع النيابة وللنائب الرمي عنه كما لو استنابه في الحج ثم أغمي عليه وبما ذكرنا في هذه المسألة قال الشافعي ونحوه قال مالك إلا أنه يتحرى المريض حين رميهم فيكبر سبع تكبيرات (فصل) ومن ترك الرمي من غير عذر فعليه دم.
قال أحمد: أعجب إلي إذا ترك رمي الأيام كلها كان عليه دم وفي ترك جمرة واحدة دم أيضاً نص عليه أحمد وبه قال عطاء والشافعي وأصحاب
الرأي.
وحكي عن مالك أنه عليه في جمرة وفي الجمرات كلها بدنة.
وقال الحسن: من نسي جمرة واحدة يتصدق على مسكين ولنا قول ابن عباس: من ترك شيئاً من مناسكه فعليه دم.
ولأنه ترك من مناسكه مالا يفسد الحج بتركه فكان الواجب عليه شاة كالمبيت.
وإن ترك أقل من جمرة فالظاهر عن أحمد أنه لا شئ في حصاة ولا حصاتين، وعنه أنه يجب الرمي بسبع فإن ترك شيئاً من ذلك تصدق بشئ أي شئ كان.
وعنه أن في حصاة دما وهو مذهب مالك والليث لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من ترك